06/08/2025
تحدثت في المقال السابق عن المثقف الرسالي وسماته وأهم دور له في المجتمع وهو التصدي للإلحاد الثقافي وفي هذا المقال سأتحدث عن هذا المصطلح حيث سأحاول توضيحه بشكل مبسط.
تعريف الإلحاد الثقافي:
الإلحاد الثقافي هو تبني مجموعة من القيم، المبادئ، والسلوكيات التي تتعارض بشكل مباشر مع الأسس الإسلامية أو الثقافية الأصيلة للمجتمع. لا يعني بالضرورة إنكار وجود الله بشكل صريح (مثل الإلحاد التقليدي)، بل هو ابتعاد عن الإطار الثقافي والقيمي الذي يستمد جوهره من المعتقدات الإسلامية أو التراث الثقافي للمجتمع.
يتميز الإلحاد الثقافي بكونه ظاهرة حديثة نسبيًا، ظهرت وانتشرت بشكل كبير في العصر الحديث نتيجة عدة عوامل متداخلة، أبرزها:
1) العولمة والانفتاح الثقافي: أدت العولمة إلى تداخل الثقافات وتأثر المجتمعات ببعضها البعض، مما سمح بتسرب أفكار وقيم مختلفة، بما في ذلك تلك التي قد لا تتماشى مع الثقافة المحلية.
2) انتشار الأفكار الغربية: ساهم انتشار الأفكار الليبرالية، الفردانية، والتحررية، والتي غالبًا ما تركز على الحرية الشخصية المطلقة وتفصل الدين عن الحياة العامة، في ترسيخ مفاهيم قد تتعارض مع الأطر الإسلامية والاجتماعية.
3) تأثير وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة: تعمل وسائل الإعلام المختلفة، وشبكات التواصل الاجتماعي، والإنترنت كقنوات رئيسية لنشر هذه الأفكار بسرعة وفاعلية، مما يجعلها في متناول أعداد كبيرة من الناس، خاصة الشباب.
بعض مظاهر الإلحاد الثقافي:
يتجلى الإلحاد الثقافي في عدة مظاهر يمكن ملاحظتها في سلوكيات الأفراد وتوجهات المجتمعات، منها:
1) تبني قيم دخيلة: مثل التحلل من بعض الضوابط الأخلاقية والإسلامية التي تعتبر أساسية في الثقافة الأصلية.
2) التشكيك في الثوابت: إعادة النظر في المفاهيم الإسلامية والاجتماعية المتفق عليها، وأحيانًا السخرية منها أو التقليل من شأنها.
3) الانفتاح غير المنضبط: تقبل كل ما يأتي من الثقافات الأخرى دون تمحيص أو نقد، حتى لو كان يتعارض مع القيم المحلية.
4) التركيز المفرط على الجوانب المادية وإهمال الجوانب الروحية والأخلاقية: يصبح النجاح المادي والثراء هو الهدف الأسمى في الحياة. يُهمَل السعي للمعنى الروحي، القيم الأخلاقية، أو حتى العلاقات الإنسانية العميقة، ما لم تكن تخدم مصلحة مادية مباشرة. هذا يؤدي إلى فراغ روحي وشعور بعدم الرضا على المدى الطويل، رغم تحقيق النجاحات المادية.
وللحديث تتمة